بُنّة في أوغندا

في عام 2023، قام فريق بُنّة برحلة ميدانية إلى أوغندا، قلب القهوة الأفريقية، في مهمة تهدف إلى الوصول لأصل الحكاية؛ من التربة، إلى الشجرة، إلى الفنجان.


كانت هذه الرحلة أكثر من مجرّد زيارة عمل. كانت عودة إلى جذور القهوة المختصة، ومقابلة الأشخاص الحقيقيين الذين يصنعون الفرق. من الجبال، إلى المزارع، إلى المعالجة، سافرنا لننقل لكم القصة الكاملة وراء بنّ أوغندي نعتز به.


Boda Boda: الشريان الواصل

في طريقنا إلى مراكز المعالجة، استخدمنا وسيلة النقل الأكثر كفاءة في المناطق الجبلية: Boda Boda، وهي دراجات نارية خفيفة، تُستخدم لنقل البن من أعالي الجبال إلى محطات الفرز والتجفيف.

  • بدونها، لا تصل القهوة من القرى النائية إلى الأسواق
  • يقودها شباب محليون، يعرفون الطرق والمنحدرات بدقة
  • تُعد جزءًا أساسيًا من بنية الاقتصاد الزراعي المحلي


أصل وتنوع المناطق الزراعيةتتنوّع مناطق زراعة القهوة المختصة في أوغندا، مما يضفي تميزًا على نكهاتها وخصائصها. ومن أبرز هذه المناطق:

  • منطقة "ماونت إلغون" (Mount Elgon): تقع شرق البلاد قرب الحدود مع كينيا، وتُعرف بتربتها البركانية وارتفاعها الذي يصل إلى أكثر من 2000 متر فوق سطح البحر. تنتج هذه المنطقة قهوة بطابع زهري وحمضي متوازن.
  • منطقة "بوجيسو" (Bugisu): وهي من أقدم المناطق في زراعة قهوة الأرابيكا في أوغندا. تمتاز محاصيلها بنكهات الشوكولاتة والتوابل الدافئة.
  • منطقة "روينزوري" (Rwenzori): غرب أوغندا، وهي منطقة جبلية تنتج قهوة بطابع فاكهي مميز، خاصة نكهات التوت والكرز.



جبل إلغون: حيث تولد النكهة ويُكتب الإبداعتبدأ الحكاية في جبل إلغون، أحد أخصب المرتفعات البركانية في شرق إفريقيا. هنا، على ارتفاعات تتجاوز 2000 متر، تنمو أشجار الأرابيكا ببطء، وتحمل معها نكهات لا مثيل لها.

  • نكهات زهرية، وحموضة مشرقة
  • ملمس ناعم ولمسة من الكرز والتوت
  • بيئة بركانية وتربة غنية تساعد على بروز النكهات الدقيقة


التحوّل نحو الجودة بدعم من منظمات دولية ومحلية، اتجه عدد متزايد من المزارعين إلى تبنّي ممارسات الزراعة المستدامة، واستخدام طرق معالجة متقدمة مثل "المعالجة المغسولة" و"المعالجة الطبيعية". هذا التحوّل ساعد في رفع تصنيف القهوة الأوغندية إلى درجات التخصص، وتسجيلها في منصات المزادات العالمية.


BalambuliKugate Coffee: الطبيعة الخام

في مزارع BalambuliKugate Coffee، بدأنا أولى خطواتنا، وسط ضباب كثيف، وخضرة ممتدة، ومزارعين يستقبلونك بابتسامة لا تعرف التعب.

هذه المزارع تطبق تقنيات الزراعة الظليلة، وتُحافظ على دورة زراعية طبيعية بعيدة عن الكيماويات، وهي من أهم مصادر البن الذي نوفره في بُنّة.




Kaiga & Gibben: المزارع العائلية تبدأ ببقرة

في إحدى الزيارات المؤثرة، التقينا بالزوجين Kaiga & Gibben، وهما زوجان شابان يديران مزرعة بن صغيرة في تلال إلغون. ما لفت نظرنا هو استخدامهم لبقرتهم الخاصة كمصدر رئيسي للتسميد الطبيعي.

  • يجمعون روث البقرة يوميًا، ويخلطونه بأوراق الأشجار والماء لصناعة سماد عضوي
  • يوزعونه مباشرة على جذوع أشجار البن لتعزيز التربة
  • لا يستخدمون أي مواد كيميائية، مما يمنح محصولهم طابعًا عضويًا خالصًا

قال Gibben:

"نحن لا نطعم الشجرة فقط، بل نغذي الأرض التي نعيش منها."

كان لقاءً يُجسّد مفهوماً عميقاً للاستدامة، من موارد المزرعة نفسها، دون الاعتماد على أي شيء خارجي.





The Coffee Yard

شراكتنا مع The Coffee Yard فتحت لنا الباب لرؤية كل التفاصيل: من الدعم الزراعي، إلى المعالجة، إلى التصدير. من خلالهم:

  • زرنا معالجات تُستخدم فيها طرق مغسولة وطبيعية
  • رأينا جهود تدريب النساء والمزارعين الشباب
  • تابعنا خطوات تتبّع الحبوب من الشجرة حتى الشحن



تحديات المناخ: كيف تتكيّف المزارع؟لاحظنا عن قرب كيف أثّر تغيّر المناخ على دورة الزراعة:

  • مواسم الأمطار أصبحت غير منتظمة، مما فرض تحديات على توقيت الزراعة والحصاد.
  • ارتفاع درجات الحرارة يدفع المزارعين لزراعة ظلال طبيعية لحماية المحصول.
  • تمت الاستفادة من برامج التدريب التي تقدمها The Coffee Yard لمساعدة المزارعين على التكيّف، وتحسين جودة القهوة رغم الظروف الصعبة.


Picasso Coffee Processor: لمسة فنية على كل دفعة

في مركز Picasso Coffee Processor، وجدنا دقة لا تقل عن أي محمصة عالمية. تبدأ العملية بالفرز اليدوي، ثم التجفيف على أسِرّة مرتفعة، وانتهاءً بتعبئة الحبوب تحت مراقبة صارمة للجودة.


Jane Timbiti: الجدة التي تحرس البن

في إحدى القرى القريبة، التقت بُنّة بالمزارعة Jane Timbiti، التي تجاوزت الستين عامًا، ولا تزال تزرع وتحصد البن بنفسها. حدثتنا عن الحصاد، والتجفيف، والعناية اليومية بالشجرة كأنها فرد من العائلة.

قالت:

"كل موسم حصاد هو موسم حياة، وليس عملًا فقط."




بُنّة: من المصدر الى الكوب

ما شاهدناه في أوغندا ترك فينا أثرًا عميقًا.

لم نرَ فقط محاصيل عالية الجودة، بل رأينا وجوهًا وأيديًا وقلوبًا تصنع الفرق. من Jane، إلى Kaiga & Gibben، إلى الدراجات التي تشق الطريق في الصباح الباكر، إلى المعالجات الدقيقة في Picasso وThe Coffee Yard — كل حبة بن نحملها معنا لها قصة، وتاريخ، ووجدان.

كل فنجان تُقدّمه بُنّة من هذا المحصول، هو تحية احترام لكل هؤلاء.